مؤتمر علماء بغداد (الجزء الأول)
صفحة 1 من اصل 1
مؤتمر علماء بغداد (الجزء الأول)
المناظرة الاولى
في القرن الخامس الهجري
تدوين مقاتل بن عطية
وقعت أحداث هذه المناظرة في عصر الدولة السلجوقية. وقام
بتدوينها مقاتل بن عطية في المدرسة النظامية ببغداد..
وظلت مخطوطة هذه المناظرة محجوبة عن الأبصار حتى تم
العثور عليها في مكتبة (راجا محمود آباد) بخط مقاتلبنعطية
وذلك في عام (1300ه)..
وتم طباعتها في بيروت تحت اسم (مؤتمر علماء بغداد) في عام
1402ه..
ونود أن نشير هنا إلى إن هذه المناظرة قد استغرقت ثلاثة أيام
حسبما ذكر وهو أمر غير واضح من خلال السرد.
ويلاحظ القارىء انا قد اشرنا الى الفقيه الشيعي بلفظ العلوي..
والفقيه السني بلفظ العباسي التزاما بما ورد في نص المناظرة..
شخصيات المناظرة
ارتبطت هذه المناظرة بثلاثة شخصيات هي:
الداعي لها :- وهو الملك ملك شاه بن الب ارسلان السلجوقي..
المنفذ لها :- وهو الوزير الفقيه نظام الملك..
كاتبها :- وهو مقاتل بن عطية..
قصة المناظرة
الحمد للّه وحده والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين
محمد النبي العربي وآله الطيبين الطاهرين وعلىاصحابه
المطيعين.
دخل على الملك شاه احد العلماء الكبار واسمه: (الحسينبن
علي العلوي) وكان من كبار علماء الشيعة..
ولما خرج العالم من عند الملك استهزا به بعض الحاضرين
وغمزه.
فقال الملك: لماذا استهزات به؟
قال الرجل: الا تعرف ايها الملك انه من الكفار الذين غضب اللّه
عليهم ولعنهم؟
فقال الملك متعجبا: ولماذا. اليس مسلما؟
فقال الرجل: كلا انه شيعي!
فقال الملك: وما معنى الشيعي؟ اليس الشيعة هم فرقة من
فرق المسلمين؟
قال الرجل: كلا انهم لا يعترفون بخلافة ابي بكر وعمر وعثمان.
قال الملك: وهل هناك مسلم لا يعترف بامامة هؤلاء الثلاثة؟
قال الرجل: نعم هؤلاء الشيعة.
قال الملك: واذا كانوا لا يعترفون بامامة هؤلاء الصحابة فلماذا
يسميهم الناس مسلمين؟
قال الرجل: ولذا قلت لك انهم كفار..
فتفكر الملك مليا، ثم قال: لا بد من احضار الوزير نظام الملك
لنرى جلية الحال.
ولما جاء الوزير: نظام الملك وساله الملك عن الشيعة: هل هم
مسلمون؟
قال نظام الملك: اختلف اهل السنة فطائفة منهم يقولون انهم
مسلمون لانهم اي الشيعة يشهدون ان لا اله الا اللّه
وانمحمدا رسول اللّه ويصلون ويصومون، وطائفة منهم يقولون
انهم كفار.
قال الملك: وكم عددهم؟
فقال نظام الملك: لا احصي عددهم كاملا ولكنهم يشكلون
نصف المسلمين تقريبا.
قال الملك: فهل نصف المسلمين كفار؟
قال الوزير: ان بعض العلماء يعتبرونهم كفارا واني لا اكفرهم.
قال الملك: فهل لك ايها الوزير ان تحضر علماء الشيعة وعلماء
السنة لنرى جلية الحال؟
قال الوزير: هذا امر صعب واخاف على الملك والمملكة!
قال الملك: لماذا؟
قال الوزير: لان قضية الشيعة والسنة ليست قضية بسيطة، بل
هي قضية حق وباطل قد اريقت فيها الدماء، واحرقت
فيهاالمكتبات، واسرت فيها نساء والفت فيها كتب وموسوعات
وقامت لاجلها حروب!!
تعجب الملك الشاب من هذه القضية، وفكر مليا ثم قال: ايها
الوزير انك تعلم ان اللّه انعم علينا بالملك العريض،والجيش
الكثيف فلا بد ان نشكر اللّه على هذه النعمة، ويكون شكرنا ان
نتحرى الحقيقة ونرشد الضال الى الصراطالمستقيم، ولا بد ان
تكون احدى هاتين الطائفتين على حق والاخرى على باطل،
فلا بد ان نعرف الحق فنتبعه ونعرفالباطل فنتركه، فاذا هيات
ايها الوزير مثل هذا المؤتمر وبحضور العلماء من الشيعة
والسنة بحضور القواد والكتابوسائر اركان الدولة فاذا راينا ان
الحق مع السنة ادخلنا الشيعة في السنة بالقوة.
قال الوزير: واذا لم يقبل الشيعة ان يدخلوا مذهب السنة فماذا
تفعل؟
قال الملك الشاب: نقتلهم!
فقال الوزير: وهل يمكن قتل نصف المسلمين؟
قال الملك: فما هو العلاج والحل؟
قال الوزير: ان تترك هذا الامر.
انتهى الحوار بين الملك ووزيره الحكيم العالم، ولكن بات
الملك تلك الليلة متفكرا قلقا ولم ينم الى الصباح. وفيالصباح
الباكر دعى نظام الملك..
وقال الملك: لقد تفكرت في الامر ورايت ان نستدعي علماء
الطرفين، ونرى نحن من خلال المحادثات والمناقشاتالتي
تدور بينهما ان الحق مع ايهما، فاذا كان الحق مع مذهب السنة
دعونا الشيعة بالحكمة والموعظة الحسنة ورغبناهمبالمال
والجاه كما كان يفعل رسول اللّه(ص) مع المؤلفة قلوبهم،
وبذلك نتمكن من خدمة الاسلام والمسلمين..
فقال الوزير: رايك حسن ولكني اتخوف من هذا المؤتمر!
قال الملك: ولماذا الخوف؟
فقال الوزير: لاني اخاف ان يتغلب الشيعة على السنة وترجح
احتجاجاتهم علينا وبذلك يقع الناس في الشكوالشبهة!
فقال الملك: وهل يمكن ذلك؟
قال الوزير: نعم لان الشيعة لهم ادلة قاطعة وبراهين ساطعة
من القرآن والاحاديث الشريفة على صحة مذهبهم،
وحقيقةعقيدتهم!
فلم يقتنع الملك بهذا الجواب من وزيره (نظام الملك) وقال
له:
لا بد من احضار علماء الطرفين لينكشف لنا الحق ونميزه عن
الباطل، فاستمهل الوزير الملك شهرا لتنفيذ الامر، ولكنالملك
الشاب لم يقبل ذلك..
واخيرا تقرر ان تكون المدة خمسة عشر يوما.
وفي هذه الايام جمع الوزير نظام الملك عشرة رجال من كبار
علماء السنة الذين يعتمد عليهم في التاريخ والفقهوالحديث
والاصول والجدل، كما احضر عشرة من كبار علماء الشيعة،
وكان ذلك في شهر شعبان في المدرسة النظاميةببغداد،
وتقرر ان ينعقد المؤتمر على الشروط التالية:
اولا: ان يستمر البحث من الصباح الى المساء باستثناء وقت
الصلاة والطعام والراحة.
ثانيا: ان تكون المحادثات مستندة الى المصادر الموثوقة
والكتب المعتبرة لا الى المسموعات والشائعات.
ثالثا: ان تكتب المحادثات التي تدور في هذا المؤتمر.
مواضيع مماثلة
» مؤتمر علماء بغداد (الجزء الثاني)
» مؤتمر علماء بغداد (الجزء الثالث)
» من حكم أمير المؤمنين عليه السلام ( الجزء الأول )
» قطرات من بحر فضائل الإمام علي عليه السلام (الجزء الأول)
» القرآن الكريم بوصف وارشادات أمير المؤمنين الإمام علي (ع) الجزء الأول
» مؤتمر علماء بغداد (الجزء الثالث)
» من حكم أمير المؤمنين عليه السلام ( الجزء الأول )
» قطرات من بحر فضائل الإمام علي عليه السلام (الجزء الأول)
» القرآن الكريم بوصف وارشادات أمير المؤمنين الإمام علي (ع) الجزء الأول
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى