منتديات الشباب العراقي والعربي
اهلا وسهلا بزوارنا الكرام لقد شرفتم منتدانا بزيارتكم , حللتم اهلا ووطأتم سهلا
اعزائي الزوار يمكنكم التسجيل لتسفيدوا من مواضيع المنتدى
فأهلا وسهلا بكم ضمن عائلة المنتدى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات الشباب العراقي والعربي
اهلا وسهلا بزوارنا الكرام لقد شرفتم منتدانا بزيارتكم , حللتم اهلا ووطأتم سهلا
اعزائي الزوار يمكنكم التسجيل لتسفيدوا من مواضيع المنتدى
فأهلا وسهلا بكم ضمن عائلة المنتدى
منتديات الشباب العراقي والعربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الزهد في الدنيا

اذهب الى الأسفل

الزهد في الدنيا  Empty الزهد في الدنيا

مُساهمة  عابر سبيل الخميس مايو 24, 2012 2:55 pm





ضد حب الدنيا والرغبة إليها هو (الزهد)، وهو ألا يريد الدنيا بقلبه، ويتركها بجوارحه، إلا بقدر ضرورة بدنه.

وبعبارة اخرى: هو الإعراض من متاع الدنيا وطيباتها، من الأموال والمناصب وسائر ما يزول بالموت. وبتقرير آخر: هو الرغبة عن الدنيا عدولا إلى الآخرة، أو عن غير الله، عدولا إلى الله، وهو الدرجة العليا. فمن رغب عن كل ما سوى الله حتى الفراديس، ولم يحب إلا الله، فهو الزاهد المطلق.
ومن رغب عن حظوظ الدنيا خوفا من النار أو طمعاً في نعيم الجنة، من الحور والقصور والفواكه والانهار، فهو أيضاً زاهد، ولكنه دون الأول.
ومن ترك بعض حظوظ الدنيا دون بعض، كالذي يترك المال دون الجاه، أو يترك التوسع في الاكل دون التجمل في الزينة، لا يستحق اسم الزاهد مطلقاً.

وبما ذكر يظهر: أن الزهد إنما يتحقق إذا تمكن من نيل الدنيا وتركها، وكان باعث الترك هو حقارة المرغوب عنه وخساسته، أعنى الدنيا بالاضافة إلى المرغوب إليه وهو الله والدار الآخرة.
فلو كان الترك لعدم قدرته عليها، أو لغرض غير الله تعالى وغير الدار الآخرة، من حسن الذكر، واستمالة القلوب، أو الاشتهار بالفتوة والسخاء، أو الاستثقال لما في حفظ الأموال من المشقة والعناء، أو امثال ذلك، لم يكن من الزهد أصلا.



(مدح الزهد)

الزهد أحد منازل الدين وأعلى مقامات السالكين.
قال الله سبحانه:
" فخرج على قومه في زينته... وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير "[1].

فنسب الزهد إلى العلماء، ووصف أهله بالعلم، وهو غاية المدح، وقال:
" ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خيرٌ وأبقى "[2].

وقال: " ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيبٍ "[3].

وقال رسول الله (ص): " من اصبح وهمه الدنيا، شتت الله عليه أمره، وفرق عليه ضيعته، وجعل فقره بين عينيه، ولم يؤته من الدنيا إلا ما كتب له ومن أصبح وهمه الآخرة، جمع الله له همه، وحفظ عليه ضيعته، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة "

وقال (ص): " إذا رأيتم العبد قد أعطى صمتاً وزهداً في الدنيا فاقتربوا منه، فانه يلقى الحكمة ".

وقال (ص): " من أراد أن يؤتيه الله علما بغير تعلم، وهدى بغير هداية، فليزهد في الدنيا ".

وقال (ص): " ازهد في الدنيا يحبك الله. وازهد فيما في ايدي الناس يحبك الناس ".

وقال (ص) لأمير المؤمنين (ع): " يا علي، من عرضت له دنياه وآخرته فاختار الآخرة وترك الدنيا فله الجنة، ومن اختار الدنيا استخفافاً بآخرته فله النار "

وقال (ص): " سيكون بعدي قوم لا يستقيم لهم الملك إلا بالقتل والتجبر، ولا الغنى إلا بالفخر والبخل، ولا المحبة إلا باتباع الهوى ألا فمن أدرك ذلك الزمان منكم، فصبر على الفقر وهو يقدر على الغناء، وصبر للبغضاء وهو يقدر على المحبة، وصبر على الذل وهو يقدر على العز، لا يريد بذلك إلا وجه الله ، أعطاه الله ثواب خمسين صديقاً ".
وقال (ص): بعد ما سئل على معنى شرح الصدر للاسلام: " إن النور إذا دخل القلب انشرح له وانفسح قيل: يا رسول الله، وهل لذلك من علامة ؟
قال: " نعم التجافي عن دار الغرور، والانابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل نزوله "
وقال (ص): " استحيوا من الله حق الحياء "، قالوا إنا لنستحيى منه تعالى، قال: " فليس كذلك، تبنون مالا تسكنون، وتجمعون مالا تأكلون ".
وروى: " أنه قدم عليه بعض الوفود وقالوا إنا مؤمنون. قال: وما علامة ايمانكم؟
فذكروا الصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء، والرضى بمواقع القضاء، وترك الشماتة بالمصيبة إذا نزلت بالاعداء.
فقال (ص): إن كنتم كذلك، فلا تجمعوا مالا تأكلون، ولا تبنون مالا تسكنون، ولا تنافسوا فيما عنه ترحلون "، فجعل الزهد من مكملات ايمانهم.

وقال (ص): " من جاء بلا إله إلا الله، لا يخلط معها غيرها، وجبت له الجنة "
وفسر (غيرها) بحب الدنيا وطلبها.

وقال (ص): " من زهد في الدنيا، ادخل الله الحكمة قلبه، فأنطق بها لسانه، وعرفه داء الدنيا ودواءها، وأخرجه منها سالماً إلى دار السلام ".

وروى: " أن بعض زوجاته بكت مما رأت به من الجوع، وقالت له: يا رسول الله، ألا تستطعم الله فيطعمك؟
فقال: والذى نفسي بيده لو سألت ربي أن يجري معي جبال الدنيا ذهباً لأجراها حيث شئت من الأرض، ولكني اخترت جوع الدنيا على شبعها، وفقر الدنيا على غنائها، وحزن الدنيا على فرحها إن الدنيا لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد إن الله لم يرض لأولى العزم من الرسل إلا الصبر على مكروه الدنيا والصبر عن محبوبها، ثم لم يرض لي إلا أن يكلفني مثل ما كلفهم، فقال:
" فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل "[4].
والله ما لي بد من طاعته وإني والله لأصبرن كما صبروا بجهدى ولا قوة إلا بالله ".

وقال (ص): " لا يستكمل العبد الأيمان حتى يكون ألا يعرف أحب إليه من أن يعرف، وحتى يكون قلة الشيء أحب إليه من كثرته ".

وقال (ص): " إذا أراد الله بعبد خيراً، زهده في الدنيا، ورغبه في الآخرة، وبصره بعيوب نفسه "
وقال (ص): " من اشتاق إلى الجنة سارع إلى الخيرات ومن خاف من النار لهى عن الشهوات، ومن ترقب الموت ترك اللذات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات ".
وقال (ص): " إن ربي عز وجل عرض علي أن يجعل لي بطحاء مكة ذهباً، فقلت: لا يارب، ولكن أجوع يوماً وأشبع يوماً، فأما اليوم الذي أجوع فيه فاتضرع اليك وأدعوك، وأما اليوم الذي أشبع فيه فأحمدك واثنى عليك "
وروى: " أنه (ص): خرج ذات يوم يمشي ومعه جبرئيل، فصعد على الصفا، فقال له رسول الله (ص): يا جبرائيل، والذي بعثك بالحق ما أمسى لآل محمد كف سويق ولا سفة دقيق فلم يتم كلامه بأسرع من أن سمع هدة من السماء أفزعته، فقال رسول الله (ص): أمر الله القيامة أن تقوم ؟
قال: لا ولكن هذا اسرافيل (ع) قد نزل اليك حين سمع كلامك. فأتاه اسرافيل، فقال: إن الله ـ عز وجل ـ سمع ما ذكرت، فبعثني بمفاتيح الأرض، وأمرني أن اعرض عليك إن أحببت أن أسير معك جبال تهامة زمرداً وياقوتاً وذهباً وفضة فعلت، وإن شئت نبياً ملكاً، وإن شئت نبياً عبداً. فأومأ إليه جبرائيل أن تواضع لله .
فقال: " نبياً عبداً، ثلاثاً "

وقال (ص): " قال الله تعالى: إن من اغبط أوليائى عندي رجلا حفيف الحال ذا حظ من صلاة، أحسن عبادة ربه بالغيب وكان غامضاً في الناس، جعل رزقه كفافا فصبر عليه، عجلت منيته فقل تراثه وقل بواكيه "[5]

وعن علي بن الحسين ـ صلوات الله عليهما ـ قال: " مر رسول الله (ص) براعى ابل ، فبعث يستسقيه، فقال: أما ما في ضروعها فصبوح الحي ، وأما في آنيتنا فغبوقهم فقال رسول الله (ص): اللهم كثر ماله وولده.
ثم مر براعى غنم، فبعث إليه يستسقيه، فحلب له ما في ضروعها واكفأ ما في اناءه في اناء رسول الله (ص)، وبعث إليه بشاة، وقال: هذا ما عندنا، وإن أحببت أن تزيدك زدناك، قال: رسول الله (ص): اللهم ارزقه الكفاف. فقال له بعض اصحابه: يا رسول الله دعوت للذي ردك بدعاء عامتنا نحبه، ودعوت للذي أسعفك بحاجتك بدعاء كلنا نكرهه.
فقال رسول الله (ص): إن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى. اللهم ارزق محمداً وآل محمد الكفاف "[6]

وقال أمير المؤمنين (ع): " الناس ثلاثة: زاهد، وصابر، وراغب. فاما الزاهد، فقد خرجت الأحزان والافراح من قلبه، فلا يفرح بشيء من الدنيا ولا يأسى على شيء منها فاته، فهو مستريح وأما الصابر، فانه يتمناها بقلبه، فإذا نال منها ألجم نفسه عنها بسوء عاقبتها وشناءتها ولو اطلعت على قلبه، لعجبت من عفته وتواضعه وحزمه وأما الراغب، فلا يبالى من أين جاءته، من حلها أو حرامها، ولا يبالي ما دنس فيها عرضه وأهلك نفسه واذهب مروته، فهم في غمرته يعمهون ويضطربون"

وقال (ع): " إن من أعون الأخلاق على الدين الزهد في الدنيا "
وقال (ع): " من جمع ست خصال لم يدع للجنة مطلباً ولا عن النار مهربا: عرف الله فاطاعه، وعرف الشيطان فعصاه، وعرف الدنيا فتركها، وعرف الآخرة فطلبها، وعرف الباطل فاتقاه، وعرف الحق فاتبعه ".

وقال (ع): " من اشتاق الجنة سارع إلى الخيرات ومن خاف النار لهى عن الشهوات، ومن ترقب الموت ترك اللذات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات ".

وقال (ع): " إن علامة الراغب في ثواب الآخرة زهده في عاجل زهرة الدنيا، أما إن زهد الزاهد في هذه الدنيا لا ينقصه مما قسم الله عز وجل له فيها وإن زهد وان حرص الحريص على عاجل زهرة الدنيا لا يزيده فيها وإن حرص. فالمغبون من حرم حظه من الآخرة[7]

وقال علي بن الحسين (ع): " ما من عمل بعد معرفة الله عز وجل ومعرفة رسوله (ص): أفضل من بغض الدنيا... الحديث "[8]

وقال الباقر (ع): " أكثر ذكر الموت، فانه لم يكثر إنسان ذكر الموت إلا زهد في الدنيا ".

وقال (ع): " قال الله تعالى: وعزتي وجلالي وعظمتي وبهائي وعلو ارتفاعي لا يؤثر عبد مؤمن هواي على هواه في شيء من أمر الدنيا، إلا جعلت غناه في نفسه، وهمته في آخرته، وضمنت السماوات والأرض رزقه، وكنت له من وراء تجارة كل تاجر ".

وقال (ع): " اعظم الناس قدراً من لا يناول الدنيا في يد من كانت، فمن كرمت عليه نفسه صغرت الدنيا في عينيه، ومن هانت عليه نفسه كبرت الدنيا في عينيه ".

وقال الصادق (ع): " جعل الخير كله في بيت، وجعل مفتاحه الزهد في الدنيا ".

وقال (ع): " ما كان شيء أحب إلى رسول الله (ص) من ان يظل خائفاً جائعاً في الله تعالى ".

وقال (ع): " إذا أراد الله بعبد خيراً، زهده في الدنيا وفقهه في الدين، وبصره عيوبها ومن أوتيهن فقد أوتى خير الدنيا والآخرة "

وقال (ع): " لم يطلب أحد الحق بباب أفضل من الزهد في الدنيا " وهو ضد لما طلب اعداء الحق، قلت: جعلت فداك، مما ذا ؟
قال: " من الرغبة فيها "، وقال:
" ألا من صبار كريم ؟ فانما هي أيام قلائل ألا إنه حرام عليكم أن تجدوا طعم الإيمان حتى تزهدوا في الدنيا "[9]

وقال (ع): " الزهد مفتاح باب الآخرة والبراءة من النار، وهو تركك كل شيء يشغلك عن الله من غير تأسف على فوتها، ولا إعجاب في تركها، ولا انتظار فرج منها ولا طلب محمدة عليها، ولاعوض منها، بل يرى فوتها راحة وكونها آفة ويكون أبداً هاربا من الآفة معتصما بالراحة والزاهد الذي يختار الآخرة على الدنيا والذل على العز والجهد على الراحة والجوع على الشبع وعافية الآجل على محبة العاجل والذكر على الغفلة، وتكون نفسه في الدنيا وقلبه في الآخرة "،

وقال الرضا (ع): " من أصبح وأمسى معافى في بدنه، آمنا في سربه، عنده قوت يومه فكأنما خيرت له الدنيا ".
وكفى للزهد فضيلة ومدحاً أنه اعرف صفات الأنبياء والأولياء، ولم يبعث نبي إلا به، ولو لم يتوقف التقرب إلى الله والنجاة في دار الآخرة عليه، لما ضيق عظماء نوع الإنسان واعرف الناس بحقيقة الحال على أنفسهم في فطامها عن شهوات الدنيا ولذاتها.

فانظر إلى كليم الله موسى (ع) كيف كان غالب قوته نبت الأرض واوراق الأشجار، وكان ضعف بدنه من كثرة رياضته، بحيث ترى الخضرة من صفاق بطنه، كما أخبر به أمير المؤمنين (ع) في نهج البلاغة.

ثم انظر إلى روح الله (ع) كيف يلبس الشعر ويأكل الشجر، ولم يكن له ولد يموت ولا بيت يخرب ولا يدخر لغد، اينما يدركه المساء نام، وقال له الحواريون يوماً: يا نبي الله لو أمرتنا أن نبني بيتاً تعبد الله فيه "، قال " اذهبوا فابنوا بيتاً على الماء " فقالوا: كيف يستقيم بنيان على الماء ؟
قال: " فكيف تستقيم عبادة على حب الدنيا "

وروى: " أنه اشتد به يوماً المطر والرعد والبرق، فجعل يطلب بيتاً يلجأ إليه، فرفعت إليه خيمة من بعيد فأتاها فإذا فيها امرأة فحاد عنها فإذا هو بكهف في جبل فاتاه فإذا فيه اسد، فوضع يده عليه وقال: " إلهي جعلت لكل شيء مأوى ولم تجعل لي مأوى " فاوحى الله إليه " مأواك في مستقر من رحمتي، لأزوجنك يوم القيامة الف حوراء خلقتها بيدى، ولأطعمنك في عرسك أربعة آلاف عام، يوم منها كعمر الدنيا، ولآمرن مناديا ينادى أين الزهاد في الدنيا، زوروا عرس الزاهد عيسى بن مريم ".
ثم انظر إلى يحيى بن زكريا، حيث يلبس المسوح حتى ثقب جلده تركا للتنعم بلين اللباس واستراحة حس اللمس فسألته امه أن يلبس مكانها جبة من صوف ففعل، فأوحى الله إليه: " يا يحيى آثرت علي الدنيا "، فبكى ونزع الصوف وعاد إلى ما كان عليه.

ثم افتح بصيرتك وتأمل في سيرة رسول الله (ص) وزهده في الدنيا، فانه لبث في النبوة ما لبث، ولم يشبع هو وأهل بيته غدوة إلا جاعوا عشية، ولم يشبعوا عشية إلا جاعوا غدوة، ولم يشبع من التمر هو وأهل بيته حتى فتح الله عليهم خيبر، وقرب إليه يوما طعاما على مائدة فيها ارتفاع، فشق ذلك عليه حتى تغير لونه، فأمر بالمائدة فرفعت ووضع الطعام على الأرض، وكان ينام على عباءة مثنية فثنوها له ليلة أربع طاقات فنام عليها، فلما استيقظ قال منعتموني قيام الليلة هذه بهذه العباءة اثنوها باثنتين كما كنتم تثنونها، وكان يضع ثيابه لتغسل فيأتيه بلال فيؤذنه بالصلاة فما يجد ثوبا يخرج به إلى الصلاة حتى تجف ثيابه فيخرج بها إلى الصلاة.

وروى: " أن امرأة من بني ظفر صنعت له (ص) كساءين ازاراً ورداء وبعثت إليه بأحدهما قبل أن يبلغ الآخرة فخرج إلى الصلاة وهو مشتمل به ليس عليه غيره قد عقد طرفيه إلى عنقه فصلى كذلك ".

وشدة زهد علي (ع) وتركه الدنيا أشهر من أن يحتاج إلى بيان، وكذا من بعده من الأئمة الراشدين والاصحاب والتابعين وغيرهم من أكابر الدين والسلف الصالحين، حتى كان أحدهم يعيش خمسين سنة وستين لم يطو له ثوب ولم ينصب له قدر ولم يجعل بينه وبين الأرض شيئاً ولا أمر من في بيته بصنعة طعام، فعلى اطرافهم يقومون ووجوههم على الأرض يفترشون تجرى دموعهم على خدودهم ويناجون ربهم في فكاك رقابهم من النار.

وقد حكى أن بعض الخلفاء أرسل إلى بعضهم بعشرة آلاف درهم فلم يقبلها فشق ذلك على اهله، فقال أتدرون؟ ما مثلي ومثلكم إلا كمثل قوم كانت لهم بقرة يحرثون عليها فلما هرمت ذبحوها لينتفعوا بجلدها، فكذلك أنتم أردتم ذبحي على كبر سنى فموتوا جوعا خير لكم من أن تذبحوني.
وقد بلغ بعضهم من الزهد بحيث يطلب لقيام الليل موضعاً لا يصيبه نسيم الاسحار خيفة من الاستراحة به.
وكان لبعضهم حب مكسور، فيه ماؤه، لا يرفعه من الشمس ويشرب الماء الحار ويقول من وجد لذة الماء البارد يشق عليه مفارقة الدنيا.
فيا حبيبي أفق من سكر الهوى واعرف المضادة التي بين الآخرة والدنيا، واقتد بالواقفين على جلية الحال والمطلعين على حقيقة المآل في المواظبة على الزهد والتقوى وفطام النفس عن لذائذ الدنيا، فإن ذلك وإن كان شاقاً فمدته قريبة، والاحتماء مدة يسيرة للتنعم على التأييد لا يثقل على أهل المعرفة القاهرين أنفسهم بسياسة الشرع المبين المعتصمين بعروة اليقين بما وعد الله في الآخرة لعباده الزاهدين .


[1] القصص، الآية: 79 ـ 80.
[2] طه، الآية: 13.
[3] الشورى، الآية: 20.
[4] الأحقاف، الآية: 35.
[5] صححنا الحديث على (الكافي): باب الكفاف. قال في (الوافي): الحفيف ـ بالمهملة ـ: العيش السوء وقلة المال. والغامض: الخامل الذليل.
[6] صححنا الحديث على ما في (أصول الكافي): باب الكفاف.
[7] صححنا الحديث على (الكافي): باب ذم الدنيا.
[8] الحديث مروى في (أصول الكافي): باب ذم الدنيا وقد مضى ذكره في صفحة 32.
[9] صححنا الحديث على (الكافي): باب ذم الدنيا.



نســــــألكم الــدعـــــاء

عابر سبيل
عابر سبيل
المدير العام للمنتديات
المدير العام للمنتديات

ذكر السرطان عدد المساهمات : 672
النقاط : 1979
التقييم : 0
تاريخ التسجيل : 27/05/2011
الموقع : المدير العام

https://iraq-arabgroup.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى